ادخل هنا على احلى شات واجمد شات وتمتع باصدقاء


الخميس، 25 يونيو 2009

فريد زكريا..



فريد زكريا.. أصغر المفكرين المشاهير وصاحب العلاقة المميزة بأوباما!!












فريد زكريا مع الرئيس باراك اوباما



قراءة - ممدوح المهيني


هل يتمتع المفكر السياسي الامريكي فريد زكريا بمزايا سحرية؟
انه يبدو بالفعل كذلك بسبب آرائه وتحليلاته التي تلقى اصداء كبيرة الأمر الذي جعله الآن من ابرز الأسماء المؤثرة على الرأي العام على الرغم من عمره الصغير، أفكاره في كتبه ومقالاته التي تقدم رؤية معمقة حول العالم تتحول بسرعة إلى أكثر الأفكار تداولا ورواجا على ألسن المعلقين والمفكرين، مؤخرا اطلق رؤية مستقبلية جديدة من خلال كتابه الجديد الذي يجادل حول فكرة صعود عدد من القوى المنافسة للولايات المتحدة الأمريكية، ومجرد ان انطلقت هذه الفكرة حتى تم تناقلها كفكرة متبصرة وترى المستقبل برؤية مختلفة، وفي أحد مقالاته الشهيرة التي أعقبت أحداث 11 سبتمبر كتب زكريا مقال «لماذا يكرهوننا؟» وهو يبحث في الجذور الثقافية لدى المسلمين الذي دفع عدد من ابنائهم لارتكاب تلك الحادثة الشنيعة، وفي كتابه الشهير «مستقبل الحرية» قدم زكريا شرحاً مفصلاً وعلى امتداد العالم تقريبا حول فشل بعض الدول في تشكيل ديمقراطية حقيقية، وبشكل مسبق كشف زكريا عن الأزمة الكبيرة التي ستعلق فيه امريكا في تكوين ديمقراطية في بلد مثل العراق يفتقر الى ثقافة الحرية التي تعتبر الضمانة الكبيرة لبزوغ عصر ديمقراطي حقيقي.


يتمتع فريد زكريا، تلميذ المفكر الاميركي الراحل صامويل هنتغتون في جامعة هارفارد، بشهرة كبيرة بسبب مقالاته وتقاريره المطولة التي تنشر في المجلة الامريكية الشهيرة نيوزويك ذات الانتشار العالمي بسبب ترجماتها المتعددة، ولكن أيضاً فان كتابه الشهير «مستقبل الحرية» مثّل نقطة هامة في مسيرة هذا الكاتب الشاب ذي الاصول الهندية والذي وصل الى أمريكا مع والده الطبيب وأمه الصحافية وهو في التاسعة من عمره، من خلال هذا الكتاب العميق والمعقد يناقش فريد اهم المسائل التي تطرح الآن على الساحة السياسية والفكرية وهو استعداد الدول والمجتمعات للتحول الى ديمقراطيات تحررية ومزدهرة، أم تنحرف عن هذا المسار لتنتج ديمقراطيات ضيقة الآفاق كما أسماها، وقد تؤدي في النهاية الى التخبط وانهيار الدولة كما جرى في العراق وقبل ذلك في المانيا في عهد هتلر.


يعود زكريا في كتابه بعيدا الى الوراء ليلاحق بزوغ اول اشعاعات الحرية التي ستعتمد عليها بعد ذلك الديمقراطية في بناء نفسها، ومنذ البداية يفاجئ زكريا القارئ عندما يجادل بان اضواء الحرية بدأت مع الكنيسة الكاثوليكية التي تهتم دائما بأنها أكثر المؤسسات استبدادية على مدار التاريخ ومع ان زكريا لا يعارض هذه الفكرة الا انه يرى ان وقوف الكنيسة التي تمتلك نفوذا واسعا في وجه السلطة الملكية ساهم في الحد من سيطرة الدولة على أوجه الحياة، ويذكر القصة الاولى التي وقفت فيه الكنيسة هذا الموقف الصلب عندما قام الامبراطور ثيوديسيوس يطلب المغفرة من الأسقف أمبروز الذي طلب منه ان يرتدي لباس الشحاذ ويقف خارج الكاتدرائية لمدة ثمانية أشهر، بعد ذلك تقوت الكنيسة واتخذت خطاً استبدادياً وظلامياً ولكنها ساهمت على الأقل بشق الصدوع الأولى التي انبثقت من خلالها الأضواء الأولى للحرية.

ويعود صعودالحرية في أوروبا عن غيرها من القارات لأسباب جغرافية ايضا، فأوروبا التي تقطعها الأنهار والخلجان الصالحة للملاحة باتت عصية على الأباطرة من السيطرة عليها من نابليون وحتى هتلر، وهذه الميزة الجغرافية منحت المدن الصغيرة القدرة على الاستقلالية عندما بات بامكانها كسب قوتها بنفسها، وهذا ما لم يكن موجوداً في آسيا التي كانت عبارة عن سهول منبسطة سهلت على الجيوش الكبيرة الزحف والسيطرة، اما بالنسبة لافريقيا فان الحرارة الاستوائية التي تجلب الأمراض وأنهارها الضحلة والمليئة بالصخور جعلها قارة غير مرغوبة.











كما ان الصعود الكبيرة لطبقة التجار منحهم النفوذ والقدرة على معارضة الأباطرة الذين كانوا بحاجة الى الدخول في مفاوضات طويلة معهم من أجل ان يوافقوا على الدخول في الحرب او اتخاذ قرارات مصيرية، كما اعتبر زكريا أن الرأسمالية التي حطمت أسوار الاقطاعية «وجعلت من التغيير والدينامية هي الفلسفة الحاكمة بدلا من التقاليد» أكبر قوة غيرت في وجه أوروبا ودفعتها نحو الحرية، وكذلك الصراع بين الكاثوليك والبروتستانت الذي منح الناس فكرة الاستقلال من سلطة الكهنة والقساوسة.




ويسرد زكريا أسباب كثيرة ومتعددة وجديدة حول أسباب صعود الحرية في أوروبا التي جعلها الأكثر قدرة على استيعاب النظام الديمقراطي الذي يحتاج الى ثقافة تحررية حتى ينجح، ومن خلال هذا العرض الغزير والذي ينقلك بطريقة مذهلة بين الماضي والحاضر يتطرق زكريا حول الأسباب التي جعلت المانيا تخفق في الوصول الى الديمقراطية التحريرية الا بعد حرب سحقتها تماما، ويقول بان عدم وجود ثقافة حقيقة للحرية هو الذي دفعها لاحتضان نظام نازي ووحشي مثل نظام هتلر الديكتاتوري، المانيا كانت فخورة بتقاليدها البيروقراطية، كانت تملك صحافة دعائية، وللمجتمع الألماني ميول كبيرة للالتحاق بالدولة، فضلاً عن العمل في قطاع الأعمال بشكل مستقل وخاص، عكس كل ذلك كان موجودا في انجلترا التي اتجهت الى الحرية بينما اتجهت المانيا الى الاستبدادية قبل ان تعدل بعد ذلك مسارها.
ويناقش زكريا قضية الثقافة وهل هي المساهم الرئيسي في دفع الشعوب للأمام او للخلف، ويعارض زكريا رأي استاذه المفكر الراحل هنتنغتون الذي يقول بأهمية الثقافة القصوى للتغيير، ولكن فريد الذي له رأي مختلف عندما يقول ان السياسة والاقتصاد لهما دور أكبر في التغيير وان الثقافة تلحق بهما، ويضرب على ذلك بأمثلة حول الصينيين الذين يزدهرون خارج بلدهم ويفشلون داخلها مع انهم لا يغيرون ثقافتهم، ولم ينجحوا في الداخل الصيني الا بعد ان انفتح النظام الصيني في العقدين الماضيين على اقتصاد السوق الحرة، وكذلك حدث مع اللبنانيين والهنود وحتى الاسرائيليين الذين يحتفظون بثقافة واحدة ولكنهم يختلفون داخل أوطانهم عنهم خارجها.



ولكن من اهم الفصول في هذا الكتاب هو الفصل الخاص بالعالم الاسلامي الذي يناقش فيه زكريا الأسباب الرئيسية التي تجعل العالم الإسلامي غير ملائم للديمقراطية لانه يفتقر الى ثقافة الحرية، وهذا السبب الذي يجعل حتى الدول الديمقراطية متورطة في هذا النظام الذي أصبح عائقا لها بدل أن يكون داعماً لها، يقول زكريا ان الاسلام لا يعادي الديمقراطية بل انه كما يقول يملك خطاً معاداً للاستبداد بسبب عدم وجود أساقفة وكهنة يقفون بين العبد وربه، ولكن الاسلام ككل الأديان الأخرى يمكن قراءته بأكثر من طريقة وهو في النهاية ليس ما تقول عنه الكتب ولكن ما يجعله الناس، وبدون ثقافة تحريرية في الدول الاسلامية يمكن ان تستخدم آليات الديمقراطية للعمل ضد الحرية كما جرى في الكويت عندما عارض النواب الاسلاميين بشدة منح المرأة الكويتية حق التصويت.



كتاب زكريا هذا معقد جداً و«يسأل أسئلة استفزازية عميقة ويعرض اجابات استفزازية، ويجعلنا نفهم التسويات الضرورية للوصول الى الديمقراطية التحررية، وحول مخاطر الحفاظ عليها» كما قال بعض المعلقين البارزين حول هذا الكتاب المهم.
هذا الكتاب الشهير حظي باهتمام واسع وحقق أعلى الأرقام في المبيعات على الرغم صعوبته وتعقيده ولكنه ساحر ويجعلك ترى العالم بصورة مختلفة جدا، وكتاب زكريا الجديد ايضا يحظى باهتمام واسع وتنتشر في الأوساط الفكرية والسياسية رؤيته عن «صعود البقية» التي ستناقش امريكا في السيطرة على النظام الدولي الجديد.



يقال ان الرئيس الأمريكي الجديد باراك اوباما الذي تربطه علاقة كبيرة بفريد زكريا الذي من المتوقع ان يكون من أكثر المقربين إليه في الفترة القادمة معجب جدا بهذا الكتاب وينسجم مع رؤيته السياسية، وقد نشرت مؤخراً صور للرئيس الجديد وهو يتصفحه، لا يجب ان نقلل من الكتب التي يعجب بها أقوى رجل في العالم.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق